سجين سابق في “أبو غريب” للجزيرة مباشر: أبنائي تعرضوا للتنمر وزوجتي انفصلت عني وحالتي النفسية سيئة (فيديو)

طالب المجلي عراقي سجنته القوات الأمريكية في سجن "أبو غريب" (هيومن رايتس ووتش)

روى طالب المجلي، السجين العراقي السابق في سجن “أبو غريب”، للجزيرة مباشر، جانبًا من حياته المأساوية والمعاناة اليومية التي يعيشها، على الرغم من مرور نحو عقدين على خروجه من السجن.

وقال المجلي، الذي يعاني ظروفا مادية ونفسية صعبة بعد هذه التجربة المريرة “إن التنمر الذي تعرضت له بعد سجني في “أبو غريب” اضطرني إلى تغيير مسكني أكثر من 7 مرات، ليس هذا فحسب بل تعرض أبنائي كذلك للتنمر، وانتهت حياتي الزوجية بعدما فضلت زوجتي الانفصال عني بسبب ما حدث”.

ويضيف المجلي “غيرت هذه السنة والأربعة أشهر (وهي مدة حبسه) كياني كاملا إلى الأسوأ، دمرتني ودمرت عائلتي، وسبّبت مشاكل صحية لابني وأدت إلى ترك بناتي الدراسة، سرقوا منا مستقبلنا”.

وبين إبريل/نيسان ويوليو/تموز 2023، قابلت هيومن رايتس ووتش المعتقل السابق في سجن “أبو غريب” طالب المجلي، إضافة إلى ثلاثة أشخاص على علم باحتجازه وقضيته بعد إطلاق سراحه، رغبوا في عدم الكشف عن هوياتهم.

وفي مايو/أيار، قال المجلي لهيومن رايتس ووتش إن القوات الأمريكية عرضته للتعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة، بما فيها الإذلال الجسدي والنفسي والجنسي، أثناء احتجازه في سجن “أبو غريب” بين نوفمبر/تشرين الثاني 2003 ومارس/آذار 2005.

اعتقال بالخطأ

وأضاف المجلي “في صباح 31 أكتوبر/تشرين الأول 2003، حاصرت القوات الأمريكية القرية التي كان يعيش فيها عمي في محافظة الأنبار، أخذوا أولادا وشيوخا من القرية، أخبرتهم أنني ضيف من بغداد وأعيش في بغداد وجئت لزيارة عمي، وضعوا غطاء على رأسي وربطوا معصميّ برباطات بلاستيكية، وضعوني في عربة هامر”.

بعد قضاء بضعة أيام في قاعدة الحبانية العسكرية ومكان مجهول في العراق، نقلت القوات الأمريكية المجلي إلى سجن “أبو غريب”. قال المجلي “نزعوا ملابسنا، تم الاستهزاء بنا والأكياس فوق رؤوسنا”، وتابع “لا حول لنا ولا قوة. تعذيب بالكلاب البوليسية، والقنابل الصوتية، وطلقات النار الحية، والمياه في الزنزانات”.

وقال المجلي إنه كان أحد الرجال الذين ظهروا في صورة من “أبو غريب” انتشرت على نطاق واسع تظهر مجموعة من السجناء عراة وقد غُطّيت رؤوسهم بأكياس ووُضع بعضهم فوق بعض في هرم بشري، وجنديان أمريكيان يبتسمان خلفهم. وقال المجلي تعليقًا على الصورة “أمرنا جنديان أمريكيان، رجل وامرأة، بالتجرد من ملابسنا، وكوّمونا، سجينا فوق سجين، وكنت واحدا منهم”.

آثار نفسية مستمرة

قال المجلي إنه بعد 16 شهرا في “أبو غريب”، أطلِق سراحه دون تهمة، ورغم نيل حريته، فإنه وجد نفسه مريضا جسديا، ومفلسا، ومصدوما. وأضاف أنه أثناء احتجازه، بدأ يعض يديه ومعصميه للتغلب على الصدمة التي كان يعانيها والتي استمرت بعد ذلك. وكانت كدمات ناتئة أرجوانية تبدو على يديه ومعصميه بوضوح.

وتابع “أصبحتْ حالة نفسية، فعلت ذلك في السجن، وبعد أن غادرت السجن، وما زلت أفعل ذلك اليوم. أحاول أن أنسى الأمر، ولكن لا أستطيع. حتى اليوم، لا يمكنني ارتداء قميص بأكمام قصيرة. عندما يراها الناس، أقول لهم إنها حروق. أتجنب الأسئلة”.

البحث عن العدالة

وعلى مدى عقدين، سعى المجلي للحصول على الإنصاف، بما فيه التعويض والاعتذار، عن الانتهاكات التي تعرض لها، وحاول الحصول على مساعدة من نقابة المحامين العراقيين، التي رفضت ذلك، قائلة إنها لا تتعامل مع مثل قضيته. ثم ذهب إلى المفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان، لكن كل ما استطاعت فعله هو إصدار رسالة تؤكد وجوده في سجلاتها على أنه معتقل سابق في “أبو غريب”.

وكتبت هيومن رايتس ووتش إلى وزارة الدفاع الأمريكية في 6 يونيو/حزيران 2023، توضح فيها قضية المجلي، وتقدم نتائج البحث، وتطلب معلومات عن تعويض ضحايا التعذيب في العراق. ورغم طلبات المتابعة المتكررة، لم تتلق هيومن رايتس ووتش أي رد، ولم تتمكن المنظمة من العثور على أي مسار قانوني للمجلي لرفع دعوى للحصول على تعويض.

بدورها قالت سارة ياغر، مديرة مكتب منظمة هيومن رايتس ووتش في واشنطن “بعد مرور 20 عاما، لا يزال العراقيون الذين تعرضوا للتعذيب على أيدي عناصر حكوميين أمريكيين بدون سبيل واضح لرفع دعوى أو الحصول على أي نوع من الإنصاف أو الاعتراف من الحكومة الأمريكية. أشار المسؤولون الأمريكيون إلى أنهم يفضلون وضع التعذيب خلفهم، لكن الآثار الطويلة الأمد للتعذيب لا تزال واقعا يوميا للعديد من العراقيين وعائلاتهم”.

يشار إلى أنه أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق من 2003 إلى 2011، احتجزت السلطات آلاف الرجال والنساء والأطفال في سجن “أبو غريب”. ووفقًا للصليب الأحمر الدولي، فإن نحو 90% من المحتجزين لدى قوات التحالف في العراق عام 2003 اعتُقلوا خطأً.

ويحظر التعذيب بموجب القانون المحلي الأمريكي، واتفاقيات “جنيف 1949″، واتفاقية “مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”، ويحظر في القانون الدولي العرفي حظرًا مطلقًا.

المصدر : الجزيرة مباشر + هيومن رايتس ووتش