مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تركيا تحوّل كنيسة سابقة أخرى إلى مسجد

لقطة من داخل متحف كاريه بتاريخ 21 آب/اغسطس 2020 في اسطنبول afp_tickers

أمر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الجمعة بتحويل كنيسة أرثوذكسية قديمة أخرى أصبحت مسجدا ثم متحفا شهيرا في اسطنبول، إلى مسجد مجددا.

ويأتي قرار تحويل متحف كاريه إلى مسجد، بعد شهر على قرار مماثل مثير للجدل يتعلق بموقع آيا صوفيا المدرج على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو).

وتعكس الخطوتان جهود إردوغان لحشد مزيد من التأييد في أوساط أنصاره المحافظين والقوميين في وقت تعاني تركيا موجة تضخم وضبابية اقتصادية جرّاء فيروس كورونا المستجد.

لكنهما تفاقمان التوتر بين تركيا وكبار المسؤولين الدينيين الأرثوذكس والكاثوليك في العالم.

ورأت وزارة الخارجية اليونانية في الخطوة “استفزازا آخر بحق المؤمنين والمجتمع الدولي”.

– “غارقة في التاريخ” –

ويعكس تاريخ هذا الصرح المبني قبل ألف عام تاريخ آيا صوفيا الأكبر والأكثر شهرة والواقعة بجواره على الضفة الغربية من “القرن الذهبي” في الجانب الأوروبي من اسطنبول. وكانت كنيسة “المخلص المقدس في خورا” كنيسة بيزنطية من القرون الوسطى تحتوي على لوحات جدارية تمثل “الدينونة” لا يزال يثمنها العالم المسيحي.

وتم تحويل الكنيسة إلى مسجد كاريه بعد نصف قرن على سقوط القسطنطينية عام 1453 على أيدي العثمانيين.

ثم أصبحت متحف كاريه بعد الحرب العالمية الثانية في إطار جهود تركيا لإقامة جمهورية جديدة أكثر علمانية على أطلال الامبراطورية العثمانية.

وبعدها ساهمت مجموعة من مؤرخي الفنون الأميركيين في ترميم الفسيفساء الأصلية للكنيسة، وافتتحت للعامة في 1958.

لكن إردوغان بات في السنوات القليلة الماضية يركز أكثر على المعارك التي أدت إلى هزيمة بيزنطيا على أيدي العثمانيين.

ووافقت أعلى محكمة إدارية في تشرين الثاني/نوفمبر على تحويل المتحف إلى مسجد.

وقال السائح الفرنسي البالغ 48 عاما فريدريك سيكار من خارج المبنى “إنه مكان يعبق بالتاريخ ويحمل الكثير من الرمزية بالنسبة للعديد من الأشخاص”.

وأضاف “بالنسبة إلي، يصعب فهم واستيعاب (عمليات التحويل هذه). لكننا سنزورها حتى لو كانت مسجدا. قد يكون علينا فقط ترتيب زيارات خارج أوقات الصلاة”.

– “عار” –

وحل الصرح اليوم مكان مبنى شيّد كجزء من دير عندما تحوّلت القسطنطينية إلى العاصمة الجديدة للإمبراطورية الرومانية في القرن الرابع.

ويضم المبنى مئذنة في احدى زواياه وقببا صغيرة أشبه بتلك الموجودة على مساجد كبيرة أخرى في اسطنبول.

لكنه يضيق في الداخل باللوحات الجدارية والفسيفساء التي تمثّل بعض أبرز نماذج الفن البيزنطي في العالم المسيحي.

وانتقد غارو بايلان النائب المعارض في حزب الشعوب الديموقراطي الخطوة التي رأى فيها “عارا على بلدنا” وقال “تمت التضحية برمز آخر في هوية بلادنا المتعددة الثقافة وتاريخها المتعدد الدين”.

ورأت زينب ترك يلماظ وهي مؤرخة متخصصة في الامبراطورية العثمانية أن هذا “تدمير” إذ إن جدران المبنى مليئة بمظاهر الفن المسيحي التي سيتوجّب تغطيتها كما كانت الحال في عهد العثمانيين.

وقالت لفرانس برس “يستحيل اخفاء الرسوم الجدارية والفسيفساء لأنها تزين المبنى بأكمله”.

لكن بعض السكان أعربوا عن تأييدهم الكامل للخطوة.

وقال يوجيل شاهين لدى مروره أمام المبنى “هناك عشرات ومئات الكنائس والمعابد في اسطنبول بينما فتح عدد قليل منها للصلاة كمساجد. هناك كثير من التسامح في ثقافتنا”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية