مقالة خاصة: معتقل أبو غريب والذكرى السيئة عند معتقل عراقي

2021-11-26 13:29:00|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بغداد 26 نوفمبر 2021 (شينخوا) رغم مرور 18 عاما على اعتقال الشاب العراقي علاء أحمد من قبل القوات الأمريكية وإيداعه في سجن أبو غريب سيء الصيت، إلا أنه لا يزال يحتفظ بسوار يحمل صورته ورقمه في المعتقل كذكرى سيئة على وحشية وهمجية قوات الاحتلال وتعاملها غير الإنساني مع المعتقلين العراقيين.

ففي صباح يوم 30 نوفمبر 2003 وبعد استئناف الدراسة الجامعية، ارتدى علاء زيه الجامعي وقاد سيارته من مدينته الضلوعية متوجها إلى جامعة تكريت التي يدرس فيها. لكن بمنتصف الطريق الذي يربط سامراء وتكريت، مركز محافظة صلاح الدين، سقط غطاء إطار سيارته فتوقف وترجل لجلبه وفي تلك اللحظة وقع انفجار استهدف القوات الأمريكية، ما أدى إلى اعتقال علاء دون ذنب وتعذيبه ليكون شاهدا على وحشية دعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان.

ضاعت من عمر علاء نحو سنتين ونصف فقد فيها الأمل وتبدد حلمه بإكمال دراسته ولاقى فيها أبشع أنواع العذاب الجسدي والأخلاقي على أيدي قوات الاحتلال التي لا تميز بين بريء ومذنب لتدحض عمليا إدعاءاتها بأنها جاءت لتحرير الشعب العراقي ونشر الديمقراطية وحقوق الإنسان فيه.

ولا تزال آثار التعذيب واضحة على علاء رغم مرور هذه المدة الطويلة، فضلا عن الآثار النفسية نتيجة الاعتقال وسوء المعاملة.

فقد احتلت القوات الأمريكية العراق يوم التاسع من أبريل 2003، وارتكبت أفظع الجرائم بحق آلاف العراقيين، الذين ما يزالون يعانون من نتائج هذا الاحتلال رغم مرور 18 عاما، ولعل فضائح سجن أبو غريب خير شاهد على مسرحية حقوق الإنسان والديمقراطية الأمريكية المزيفة.

-- الجوع والمصير المجهول

يروي علاء (39 سنة) رحلته مع الجوع والمصير المجهول قائلا "تم اعتقالي من قبل القوات الأمريكية بتاريخ 30 نوفمبر 2003، عندما كنت على طريق الرابط بين سامراء تكريت، وكان ذلك أول يوم دراسة بالكلية وكنت ارتدي الزي الموحد الخاص بطلبة الكليات وأثناء نزولي من سيارتي حصل انفجار على القوات الأمريكية وتم اعتقالي مباشرة وضربني جندي أمريكي بأعقاب مسدسه على رأسي ما أفقدني الوعي".

وأضاف بمقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) بداره بمدينة الضلوعية (100 كم) شمال بغداد "بعد اعتقالي تعرضت للضرب الشديد وتم وضع الأصفاد في أرجلي ويديي مقيدة للخلف، ثم رفعوني من أرجلي ورأسي للأسفل لمدة تجاوزت الساعة"، مبينا أنه نُقل إلى معتقل في سامراء ومن ثم إلى تكريت وبعدها إلى سجن أبو غريب الذي شهد أفظع الجرائم بحق الإنسانية من قبل القوات الأمريكية لتبدأ رحلة العذاب والمصير المجهول.

وتابع "استقبلنا في سجن أبو غريب سيء الصيت استقبالا سيئا جيدا تضمن الاعتداء علينا جسديا وأخلاقيا وخلعوا ملابسنا وكان فينا كبير السن والشاب الذي يملأه الحياء والإنسان الذي لا يقبل أن يعتدى على كرامته".

واستطرد "كانت حياتنا اليومية في أبو غريب ينتابها الجوع والخوف والمصير المجهول وكانوا يجمعوننا مع أقسى العصابات، فضلا عن التعذيب الذي تلقيناه منذ البداية وكان بشع جدا ولم يرحموا فينا أحدا لا صغيرا ولا كبيرا".

وأكد أن الأمريكيين لم يعيروا أي اهتمام لأرواح المعتقلين عندما يتعرض السجن للهجمات بقذائف الهاون ويتركوهم عراة بالخيم فيما هم يهرعون للملاجئ للاحتماء من القصف، قائلا "في أحد الأيام تعرض السجن لهجوم بـ18 قذيفة هاون قتل من السجناء 37 وجرح قرابة 104 آخرين، لأن الأمريكيين تركوهم في خيم من القماش بينما هم هربوا إلى الملاجئ"، محملا القوات الأمريكية مسؤولية مقتل وإصابة هؤلاء المعتقلين بسبب الإهمال المتعمد.

وتابع "لم أحصل على مقابلة مع أهلي إلا بعد ثلاثة أشهر، حيث زارتني والدتي بعد 90 يوما ولم تتمكن من التعرف علي أبدا إلى أن ناديتها بصوتي، وهي تنادي إلى أن أصبحنا وجها لوجه حتى تعرفت علي وبدأت بالبكاء وسألتني ما بك يا ولدي، فأبلغتها بأني جائع جدا وتعرضنا للتعذيب والإهانة الجسدية والمصير المجهول والضرب والاستقبال السيء من قبل الأمريكيين وهذا بحد ذاته يكفي أن الإنسان يتغير شكله ما دام لديه عقل".

لم يلتق علاء بوالدته وجها لوجه لكي تضمه إلى صدرها وتقبله بل كان المكان عبارة عن أسوار وقواطع خشبية وزجاج مضاد للرصاص وفيه ثقوب صغيرة لكي يصل الكلام فقط.

وأضاف علاء بحسرة وحزن "أمي حاولت أن تقبلني لكنها لم تستطع، فقالت لي أعطيني إصبعك من داخل الثقب حتى أقبله فأدخلت إصبعي والمنطقة الوحيدة التي استطاعت تقبيلها هي مقدمة إصبعي الخنصر التي تمكنت من إخراجها من الثقب".

وعن طرق التعذيب، قال "إن السجون الانفرادية كانت شديدة التعذيب وقليلة الشمس وقليلة الإنارة وقليلة الطعام وكان هناك تعذيب شديد بكل الوسائل وبكل الطرق".

وأضاف "طرق التعذيب كانت عن طريق الكلاب البوليسية والتعرية الجسدية والصعق بالكهرباء وعن طريق ربط الإنسان من أماكن لا يمكن التحمل أن يربط بها، وكانت الاعترافات تنتزع بالإكراه وبالقوة".

-- أكذوبة الديمقراطية وحقوق الإنسان

يؤكد علاء أن الديمقراطية وحقوق الإنسان عبارة عن أكذوبة تستخدمها أمريكا كغطاء لتحقيق مصالحها.

وقال "قد أتقبل موضوع حقوق الإنسان من كثير من الناس، أما من الأمريكيين فلا أستطيع، هم وحوش، ولم تكن هناك حقوق إنسان".

وتابع "الديمقراطية الأمريكية هي أكبر باطل وجد على الأرض، لم تكن هناك ديمقراطية لدى الأمريكيين"، متسائلا هل أن اعتقال إنسان وهو يرتدي زيه الجامعي بصورة تعسفية ودون دليل ويبقى لسنتين ونصف وتسلب حريته وكليته ويسلب كل شيء منه هل هذه ديمقراطية أو حقوق إنسان؟"

ووجه رسالة للأمريكيين معربا عن أمله بأن يسمعوها قائلا "أنتم اعتقلتموني في أول يوم دراسي بالجامعة وسلبتم حريتي وسلبتم كليتي وكرامتي ولم تعتذروا ولم تعوضوا سجينا ولم تتعاملوا معنا كبشر، أقول لكم أنكم على باطل شر باطل وأن الطريقة التي تعاملتم بها في العراق لن ينساها التاريخ ولن تغفر أبدا، ولن نكون أصدقاءكم في يوم من الأيام أبدا".

ويعطي مثلا على حقوق الإنسان، مؤكدا أنه لم يُعرض على محكمة ولم تُوجه له تهمة معينة خلال فترة الاعتقال التي تنقل فيها بمعتقلات سامراء وتكريت وأبو غريب ومعتقل بوكا في البصرة أقصى جنوب العراق.

وبعد مغادرة القوات الأمريكية للعراق في عام 2011، أقام علاء دعوى ضدها كونه كان يخشى من الاعتقال مرة أخرى لأنها أجبرته على التوقيع على تعهد بأنه لم يتعرض للتعذيب والاعتداء كشرط لإطلاق سراحه من المعتقل.

وقال "أقمت دعوى ضد القوات الأمريكية بمحكمة الضلوعية في عام 2011 بعد فترة من إطلاق سراحي"، مضيفا " أنا أؤمن بأنه لا يوجد أحد يمكن أن يحاسبهم (الأمريكيين)، ولكن لابد أن يأتي اليوم الذي يحاسبون فيه على الجرائم التي ارتكبوها بحق الناس".

الصور

010020070790000000000000011100001310334314